أعطاها الله تعالى من سعة كرمه و ذروة فضله؛ الموقع الجغرافي الممتاز الذي جعلها بلد ذات أربعة فصول! أجل أتيناكم ثانية لنتحدث معكم عن ايران من أجمل بلاد العالم و أكثرها تميّزا ذات مناخ فريد في نوعه يختلف في شمالها عن جنوبها و في غربها عن شرقها بحيث يجعلها تأخذ في أحضانها مناظر متنوعة من مظاهر الطبيعة من سلاسل الجبال الشامخة و الغابات الكثيفة و الشلالات و المستنقعات و الأنهار و البحيرات المتميزة الى السهول الواسعة و الصحاري المهيبة التي تجتذب بها افواج السياح من أرجاء العالم
جغرافيا ايران و مناخها الفريد لا يؤدّي الي جمال طبيعتها فحسب بل يؤثّر تأثيرا بارزا في تنوع الحياة النباتية لديها بحيث أصبحت تحتضن مختلف أنواع النباتات و تقدم للعالم منتجات زراعية ذات جودة ساحرة منها "زعفران" أي أغلى التوابل في العالم! هو الذي لفت إنتباه الناس في شتى أنحاء المعمورة و يتميز الى حيث يقاس مع الذهب و يطلق عليه اسم "الذهب الأحمر".
تاريخ الإستفادة من الزعفران:
الإسستفادة من الزعفران عائد تاريخها الى قبل أكثر من 3500 سنة؛ الكثير من الخبراء يعتقدون بأنّ دولة "ماد" الايرانية القديمة تعتبر الموطن الأصلي للزعفران و كان الايرانيون القدماء يسمّونه ب"زرپران" بمعنى نبات تشبه ثمرتها الذهب بحيث أنّه منذ القدم حتى الآن يعتبر من أكثر توابل العالم سعرا، الصور المتبقية من ايران القديم أي القرن العاشر قبل ميلاد المسيح تحكي عن رغبة الايرانيين في إستخدام الزعفران في مجالات مختلفة؛ في مجال الطب و التخلص من مختلف الأمراض ممزوجا مع الشاي و الطعام و ايضا عند الإستحمام بعد العمل الشاق و تحت أشعة الشمس الحارقة و في علاج الجروح و تلوين الأشياء و تعطير الأماكن على سبيل المثال في المهرجانات و الأعياد و الإحتفالات و مراسيم الترحيب بكبار الضيوف. الايرانيون القدماء فضلا عن تصدير الزعفران الى العديد من دول العالم قاموا بتعليم فوائده لأقوام منها الإغريق و الصينيين و الرومان و العرب و أقوام شمال إفريقيا و الأندلس حتى تم إنتشاره في جميع أرجاء العالم
زعفران في ايران الحاضر:
و أمّا اليوم و في العصر الحاضر تعتبر ايران أكبر مصدري و منتجي الزعفران في العالم ليس فقط من حيث الكمية بل أيضا تلفت أنظار الدول من الناحية الجودة و أكثر من 90 في المأئة من زعفران الذي يحتاج اليه العالم يتم زرعها في ايران. هذا المحصول ذو الثمن الغالي ينمو جيدا في المناطق ذات شتاء معتدل و صيف حار و جاف حيث توجد أراضي مشمسة دون الأشجار و لا تتعرض لهبوب الرياح الباردة. منطقة شمال شرق ايران أي في محافظتين خراسان الرضوية لا سيما مدن تربت حيدريه و زاوه و تايباد و في خراسان الجنوبية على الأخص مدن قائنات و فردوس و سرايان و بيرجند تعرض أفضل أنواع المحصول و تعدّ قلب العالم لإنتاج الزعفران بفضل مناخها المثالي مثلما هناك محافظات أخرى تتمكن من زرع الزعفران في كيفية عالية منها اصفهان و فارس و كرمانشاه و كردستان و كرمان و يزد و مركزي.
زعفران نبات من فصيلة السوسنيات ذو بصل و ذو حجم صغير يتكون من عدة أجزاء و الجزء الاصلي هي "مياسم الزهرة"؛ هي التي تدعى "زعفران" و يتم نزعها من الزهرة على يد الأشخاص الخبراء و عليهم إستخدام منتهى الدقة في العمل ثم يقومون بجمعها و تجفيفها في مرحلتين و تحت ظروف حساسة للغاية حفاظا على جودتها حتى تصبح في النهاية على شكل خيوط ناعمة ذات ألوان من البرتقالية و الحمراء و البنفسجية الفاتحة.
إذن نعرف زعفران بصفته أكثر التوابل ثمنا و ذلك ليس فقط بسبب كونه مكلّفا من الناحية المادية أو من ناحية صعوبة عمليات الإنتاج بل أسعاره الباهضة تعود في الحقيقة الى ميزاته المثيرة للإعجاب و فوائده المثيرة للإهتمام، النكهة الشهية و الرائحة الطيبة و اللون الزاهي هي الخصائص الأولية التي يتمتع منها الزعفران و تجعلنا نرغب في إستخدامه لاسيماعند تحضير الأطعمة الشهية و الشايات المهدئة و لكنّنا لو إستطعنا التعرّف على فوائده كلها سنكون دون شك من عشاق الإستفادة منه.
الفوائد العلاجية:
الشئ الذي يبدّل الزعفران الى أفضل الأعشاب الطبية هو أنّنا نستطيع أن نطلق عليه إسم الصيدلية التي ترافقنا دائما بحيث يخللّصنا من الكثير من الأمراض و يساعدنا في الوقاية من العديد من الأتعاب.
زعفران رفيق للرجال لأنّه يعتبر مصدرا طبيعيا جيدا لتقوية و زيادة القوى الجنسية لديهم كما يكون صديقا حميما للنساء لأنّ إستخدامه بمدة سبعة ايام بعد التطهير من الدورة الشهرية يسبّب الى أن تنخفض الأعراض الخاصة بهذه الدورة و يؤدّي صلابة الرحم و يساعدهن في تنظيم الدورة الشهرية و لكن ينبغي تجنب إستخدامه أثناء الدورة.
زعفران طبيب القلب؛ لأنّه يمانع تراكم الكوليسترول في الشرايين و يمنع من الإصابة بأمراض القلب و الأوعية الدموية مثلما يحتوي على خصائص مضادة للإكتئاب بسبب المواد المنعشة الموجودة فيه و يقوّي الجهاز العصبي و يفيد للوقاية من الإصابة بمرض ألزهايمر و التخلص من الصداع و الأرق و الإضطرابات الخاصة بالنوم لأنّه يفيد في الحصول على الإسترخاء كما يمكنه مساعدة الانسان في عدم الوقوع في ورطة المشاكل المزعجة الخاصة بفقدان البصر عند الشيخوخة.
حاربوا مرض السرطان مع تناول الزعفران لإنّه يمنع من أن تتشكل أورام السرطان كما يساعد في تقلص الأورام التي تعاني منها المرضى و يؤدّي الى إنكماشها. إن تعانون من مشاكل المعدة يمكن للزعفران أن يساعدكم في تخفيف الآلام لأنّه يفيد في تقليل مشكلة الانتفاخ و يحسّن عملية الهضم. الإستفادة من الزعفران مفيدة في تنشيط الدورة الدموية كما تعين في معالجة فقر الدم.
زعفران يقوّي الذاكرة مثلما يفيد للتخلص من الأمراض الجلدية و يخلص السيدات من بروز حبوب الشباب بسبب الفيتامينات المتوفرة فيه كما يساعد اللاتي تعانين من البشرة الجافة و يعطيهن بشرة ناعمة و رطبة و يمنع من ظهور الشيخوخة المبكرة. المرضى المصابين بمرض الربو أيضا بإمكانهم الإستعانة بالزعفران.
إحذروا خلال الإستخدام:
الإستفادة من زعفران مفيدة و لاشك فيه و لكن من الأفضل الإستشارة بالطبيب في الكثير من الأحيان على سبيل المثال إستخدام من أجل التنحيف و خسارة الوزن أو لمعالجة أمراض القلب أو للنساء الحاملات أو للمشاكل العصبية و غيرها ينبغي أن نستشير بالطبيب و نأخذ الإذن منه للحصول على نتائج أفضل و أكمل و للممانعة من حصول على النتائج السلبية. كما يجب أن نكون حذرين في الكمية المسموحة بها و هي ثلاث غرامات من الزعفران يكفي للإنسان خلال شهر واحد (0.1 غرام يوميا للبالغين)
أفضل الطريقة للحفاظ على جودة الزعفران:
الطرق غير الصحيحة للمحافظة و الأواني غير الصالحة تجعل زعفران يفقد جودته الاصلية و رائحته العطرة و فوائده الطبية لأنّ الزعفران يمكنه التبخر إذن من الأفضل المحافظة على الزعفران في الأماكن الباردة و غير الرطبة و البعيدة عن أشعة الشمس و في الأواني المعدنية أو الزجاجية الملونة شريطة أن يتم إقفالها تماما لكي لا يتخلل الهواء فيها أيضا لا ينبغي إعداد الزعفران حينما تريدون حفطها لفترة طويلة و إن تريدون ذلك يجب حفظها في الثلاجة دون أية مواد مضافة بالإضافة الى تجهيزه مع قليل من الماء المغلي. فضلا عن الماء المغلي يمكنكم أيضا إستخدام قطعة من الجليد لتحضير الزعفران بحيث تضعون الجليد في الزعفران المسحوق و تنتظرون حتى تذوب و في هذه الطريقة يعطي الزعفران لونا جيدا، على أي حال من الافضل إستخدامه بصورة طازجة أي سحقها و تجهيزها عند الإستخدام.