الاكل الصحي خلال شهر رمضان المبارك

كنّا ننتظر حلول شهر رمضان المبارك بعظيم الفرح و الحب و الشغف آملين أن يبلغنا الله تعالى اليه بالخير و الصحة و البركة و كنا ندعوه أن يعيننا على صيامه و قيامه و تلاوة الكتاب فيه و هو شهر التوبة و الإستغفار و شهر تغلق فيه أبواب النار و تتفتح ابواب الجنة و القرب الى الله كما هو شهر الخير و الاحسان.

بالاضافة الى ذلك نريد أن ننظر الى شهر رمضان من منظر آخر؛ و هو شهر يعيده الله الينا بوصفه فرصة لا مثيل لها لكي ننتهزها و نغيّر به أنماط حياتها و نتدرب على الإلتزام ببعض العادات الجميلة مثل التي تجعل حياتنا أكثر جمالا منها الصبر و القدرة على تحمل المشاق و نبتعد عن العادات غير الجميلة التي لا يسر بها الله و لا يحبها لعباده منها

رمضان تعتبر فرصة فريدة في نوعها لكي نترك العادات السيئة التي تضر بصحتنا مثل الإفراط في الاكل أو تنظيم النظام الغذائي على أساس الأكلات التي لا فائدة لها لجسم الانسان بل تسوقه الى الإصابة بالامراض مثل المأكولات المليئة بالدسم؛ في المقابل يعلّمنا شهر رمضان أن نتابع برنامج غذائي صحي و متكامل يشتمل على جميع أنواع الأكلات اللازمة لجسم الانسان لا يقتصر فقط بالشهر العظيم بل نستطيع أن نستمر فيه طوال أيام السنة كلّها. و هذا النظام الغذائي الصحي يحتوي على بعض الأسس التي نقدمها اليكم آملين أن تفيدكم:

الوقت الكافي للاكل:

عندنا ثلاث وجبات خلال شهر رمضان المبارك؛ وجبة السحور و وجبة الإفطار و وجبة العشاء و من الأفضل أن نفصل بينها تماما. إذن لتجربة سحور جيد يجب أن نخطّط تخطيطا دقيقا لنتمكّن من الدعاء و الصلاة و يبقى عندنا الكمية الكافية من الوقت و نأكل ببطء و هدوء لأنّ الاكل بسرعة يؤثر سلبيا على الجهاز الهضمي تأثيرا سلبيا من الصعب تعويضه؛ من الممكن أن تصبح المعدة ثقيلة و لا تتمكن من القيام بهضم الطعام طوال ساعات اليوم كما يمكن إصابتكم بأتعاب أخرى مثل حموضة المعدة.

و أما بالنسبة لوجبتين الإفطار و العشاء؛ من الأحسن أن نكسر الصيام في أول وقت ممكن بعد الأذان ثم نأخذ الفاصل لتتمكن المعدة من الهضم بعد حرمانها من الطعام بمدة ساعات كثيرة؛ و امّا عن وجبة العشاء بصفتها الوجبة الرئيسية للصائم من الأفضل الأ تتداخل مع الأفطار؛ إذن نأكل العشاء قبل النوم بساعتين على الاقل حتى تعطي للمعدة الفرصة الكافية لهضمها لأنّ النوم مع المعدة المليئة بالطعام لن يكون نوما مريحا و عميقا على الاطلاق.

كمية الطعام الذي نأكلها:

الإفراط في الاكل يعتبر من الأخطاء التي ينبغي للصائم أن يبتعد إرتكابها بقدر الامطان خلال شهر رمضان المبارك لأنّ تناول كميات كبيرة من الأطعمة بعد حرمان المعدة من الطعام طيلة ساعات طويلة يستطيع أن يشكّل مشاكل في الجهاز الهضمي؛ يمكن أن يؤدي الى العسر في الهضم مثلما يسبّب الى إرتداد الطعام و دخول الاحماض من المعدة الى المرئ و هذه يجعل الانسان يصاب بحرقة المعدة بالإضافة الى الإضطرابات الأخرى التي تصاب بها المعدة مثل الإلتهاب و الإحساس بالألم فيها مع أنّنا  نعرف دورا بناء يلعب الصوم في علاج أمراض الجهاز الهضمي و المعدة.

فضلا عن ذلك عدم السيطرة على الشهية يؤدي الى يقع الصائم في ورطة المشاكل التي تنبع عن الإفراط في الاكل منها زيادة الوزن و الإصابة بأمراض قلبية و أتعاب الشرايين و مرض السكري؛ إذن على الصائم أن يكون معتدلا في تناول الطعام لكي لا يعاني من هذه المشاكل التي تمنعه من الصيام و الحصول على بركات الشهر العظيم. جدير بالذكر أنّ إرتكاب هذا الخطأ ينافي مقاصد الصيام و يناقض ما يعلّمنا الشهر الكريم من القيم منها تهذيب النفس و بذل الجهد للوصول الى نمط صحي للحياة و تعليم الاولاد مفاهيم الصيام لا سيما بالنسبة للذين يصومون للمرة الأولى.

السرعة في الاكل ممنوع!

السرعة في الاكل تعتبر من العادات السيئة التي نتبعها عادة في أنماط الحياة الحديثة و ايضا خلال شهر رمضان و ذلك بأسباب مختلفة مثل الإشتغال بالأعمال الكثيرة و عدم وجود الوقت الكافي أو الإضطرابات النفسية أو كأنّنا قد نتعوّد على ذلك؛ على أيّ حال التعرف على الآثار الإيجابية الناتجة عن الأكل ببطء تشجّعكم عليه و تساعدكم في تفادي الكثير من الأمراض و المشاكل.

ينبغي للصائم أن ينظّم أوقاته بحيث لا يضطر على الاكل بسرعة بل يبقى عنده الوقت الكافي عند الإفطار و السحور. حينما لا نقوم بمضغ الاطعمة جيدا بل نلتهم الطعام بسرعة نجمع في الواقع كتلة كبيرة من الاطعمة في المعدة و هذه تعطي لنا الشعور بعدم الراحة نتيجة العسر في الهضم و التلبك في المعدة و الكثير من الأتعاب المعوي منها الإنتفاخ و إرتداد الأحماض المريئية و الإحساس بالحرقة.

في حين أنّ تناول الطعام ببطء و هدوء يعطي الفرصة للإشارات الخاصة بالشبع أن تصل الى دماغ الانسان في وقتها (أي بعد 20دقيقة منذ البدء بالأكل) و قبل أن تمتلئ المعدة بكمية كبيرة من الاطعام دون أن يحتاج اليها الجسم و هذه تعتبر من أهم الأسباب المؤدّية الى فقدان الوزن و عدم الاصابة بالبدانة و العديد من الأمراض التي لها علاقة وثيقة بالبدانة.

الاطعمة التي تأكلونها أم لا تأكلون؟

الاطعمة التي نأكلها تعتبر أهم عامل يضمن و يحدّد صحتنا أو يهدّدها و مع الأسف الشديد الكثير منّا بدأنا نتّجه نحو تنظيم الموائد لا سيما خلال الشهر الفضيل على أساس طرقة تصدرها الأكلات التي تلحق الأضرار بأجسامنا أضرارا لا تعوض بل تجعلنا مصابين بمختلف الأمراض منها المأكولات الدسمة أو الحلويات و هذه تنافي تماما الفوائد المرجوة من الصوم؛ على أي حال عندنا بعض النصائح التي نقدمها آملين أن تساعدنا في الحصول على صيام صحي حقّا:

السحور الصحي:

وجبة السحور تعتبر هامة جدّا بالنسبة للصائم و لا بديل لها إطلاقا لأنّها تزود الصائم بالطاقة الضرورية التي تجعله مستعدا للصيام و لكن هناك أشخاص يفضلون التغاضي عن السحور و هذا خطأ حقّا بالإضافة الى ذلك هناك ملاحظات ينبغي متابعتها على الأخص للصيام خلال الايام الحارة في السنة.

ينبغي للصائم أن يركّز على ما يأكله عند السحور و هي يزيد من مقاومته أمام الجوع و العطش؛ الماء يعتبر أفضل مشروب خلال الشهر الفضيل و لكن لا يجب المبالغة فيه عند السحور لأنّه يسبّب الإضطرابات الهضمية. للسيطرة على العطش طيلة اليوم من الأفضل التجنب من بعض الأكلات منها المشروبات الغازية و الباذنجان و السجق و النقانق و صلصلة مايونيز و الفلفل و الصوم و البصل ( ذلك ايضا من أجل التخلص من رائحة الفم الكريهة)و الاطعمة الدسمة و المالحة و المخللات.

تناول الأطعمة المحتوية على البروتين يساعد الصائم في التغلب على الجوع منها البيض و فول السويا و اللحوم و الأسماك و منتجات الألبان (شريطة ألا تكون مالحة) و القمح و العدس و الشوفان و الحبوب لأنّها تشتمل على مقادير كبيرة من كربوهيدرات مثلما عليكم بالماكولات التي تحتوي على الألياف منها الحبوب و التين و النخالة و التمر و الخضروات و الفواكه و هي غنية ايضا بالماء.

الإفطار الصحي

من الأفضل أن تنقسم وجبة الإفطار الى مرحلتين لكل لا تضغط على المعدة بعد أن كانت فارغة خلال ساعات طويلة؛ المرحلة الأولى عند أذان المغرب و هي تشتمل على الأكلات المعتدلة و المفيدة في الوقت نفسه؛ إكسروا الصيام بفنجان من الماء أو اللبن الساخن مع عدد من التمرات (أو الزبيب) لأنّها حلوة و تمتص بسرعة من قبل الجسم كما هي غنية بالألياف الغذائية و تعيد للصائم الطاقة و النشاط و تعطيه الإحساس بالشبع.

الشوربة و الحساء (و آش من المطبخ الايراني) لها مكانة عالية بين المأكولات الملائمة للإفطار بحيث إنّها تزوّد الصائم بالمقادير الكافية من الفوائد الصحية و الى جانبها الخضروات أو بصورة طازجة أو مستخدمة في طبخ الشوربات و هي تمنحكم الفيتامينات و البروتين و المواد المعدنية و لا تزعج المعدة.

و أمّا المرحلة الثانية أي طبق العشاء التي تأتي بعد إن إستراحت المعدة قليلا؛  من الأفضل أن يشتمل الطبق الرئيسي على معادن الكربو هيدرات و البروتين قليل الدسم منها اللحوم و الأسماك و الحبوب و الى جانبها السلطة و الخضروات المطبوخة منها الجزر و الفاصوليا الخضراء و الذرة و البازلاء لأنها مليئة بالطاقة.

تناول المقادير الكبيرة من الحلويات و الأرز الأبيض و الاطعمة المالحة و المليئة بالدسم في هذه المرحلة لا تناسب حالة الصائم لأنّها تضفي عنده العطش و تسوقه الى شرب المشروبات الكثيرة و هذه تؤدي الى المشاكل في الجهاز الهضمي؛ إذن على الصائم أن يتجنبها قدر الإمكان و بدلا منها يجب أن ينظم وقته لتكن عنده الفرصة لاكل الفواكه قبل النوم لكي يستعيد نسبة عالية من الطاقة و الماء التي يحتاج اليه الجسم.

المشروبات الطبيعية المناسبة لشهر رمضان:

عصير الليمون منخفض السكر لأنّه يسبّب الى إفراز اللعاب و يزيل الشعور بالعطش عند الصائم أو عصير الهندباء البرية الذي يتمتع من مكانة لا مثيل لها بين المشروبات العشبية التقليدية  المناسب لتبريد الجسم بالإضافة الى فوائده الفريدة لأغلبية أعضاء الجسم أو شراب السكنجبين  الذي يعدّ من المشروبات الصيفية الباردة و المنعشة للغاية فضلا عن فوائده الكبيرة لتسهيل العمل في المعدة و تنشيط عمل الدورة الدموية  و تهدئة الأعصاب و التخلص من الأرق أو شاي النعناع الممزوج بالعسل يزيل العطش و يناسب للغاية الفترة ما بين الإفطار و السحور.