قلعة كريم خان زند
تحفةُ معماريةٌ و سياحيةٌ مهيبةٌ في قلب مدينة شيراز معجبةٌ للسائحين و ممثلةٌ لا مثيل لها لما يتكلّم منه سياح العالم الكبار من العمار ة الايرانية الزندية مسحورين بعظمتها؛ قلعة كريمخان زند، حيث أمر ببناءها الملك الزندي الأول كريم خان عندما قام بإختيار مدينة شيراز عاصمةً لحكومته؛ كان الملك يُدعى وكيل الرعايا (نماينده مردم) طبقاً لأمرٍ منه و نظراً للأهميّة الكبيرة التي كان يعلّقها على توفير السلام والهدوء و الرخاء للشعب الايراني و محاربة الظلم و الفساد لاسيّما بين رجال الدولة. في هذه الأثناء صمّم هذا الملك الزندي ببناء القلعة داعياً أشهر الفنانين و المهندسين المعماريين و النحاتين و أكثرهم خبرةً و بذل قصارى جهده لكي يستخدم أجود المواد للبناء والتي حصل عليها من المدن و حتى البلدان المختلفة بعدما تأثّرّ كثيراً من العمارة الصفوية الرائعة الجمال التي كانت قد أعجبته في مدينة اصفهان على أمل أن يقوم بمنافستها.
قلعة كريم خان بإعتبارها قصراً مخصّصاً للملك و العائلة الملكية و مقراً للحكومة الزندية كانت تتمتّع من درجةٍ عاليةٍ من الأمن ، مبنى مهيبٌ يجمع بين الانماط المعمارية السكنية الزاهية و اساليب العمارة العسكرية المحصّنة (عمارةٌ قضت مراحل عديدة بحيث تحوّلت الى مبنى لمحافظي محافظة فارس في العهد القاجاري و سجناً كبيراً في العهد البهلوي و اصبحت اليوم متحفاً بمنتهى الروعة للتراث شيراز الثقافي و الحضاري)
الاجواء و المساحات السكنيّة الواقعة في الزوايا الشمالية والجنوبية والغربية للمبنى تمّت زخرفتها أكثر إناقةً و جمالاً حيث تحتضن الايوانات ذات الاعمدة و الممرات و القاعات المزوّدة بالنوافذ الخشبية المشبكة و الزجاجات الملونة و الزخارف الزاهية من المقرنصات و الاحجار الرخامية و فنون التذهيب عند السقوف خاصّةً و النقوش و الرسوم اللطيفة الملوّنة بالالوان النباتية مثلما تستمتعون في نفس الوقت بقضاء اوقاتٍ لا تُنسى للأستراحة والهدوء مستفيدين من الاجواء الطبيعية المنعشة بين اشجار الحمضيات العالية والكثيفة المتوفّرة في الساحة و يتوسّطها حوض ماءٍ يزيد من نضارة المكان.
امّا الاجزاء العسكرية للقلعة : تمّ تشييدها تماماً من الطوب و تتكوّن من الجدران السميكة و المرتفعة جدّاً و على حافّتها شُيّدت الحواجز و المتاريس الملائمة للغاية للرصد و الرماية مكاناً لإستقرار الجنود عندما كانت الحرب تندلع، بالإضافة الى الابراج الاربعة الدائرية العالية الموجودة كلٌّ منها على زاويةٍ من القلعة و تغطّيها تزئيناتٌ آجريةٌ لطيفةٌ، يثير إعجابكم البرج الجنوب الغربي أنّه مائلٌ، ميّزةٌ معماريةٌ مذهلةٌ تعود الى خزّانٍ جوفيٍّ للمياه يوجد تحته و الذي كان يوفّر المياه لحمام ارك الملكي.
فوق المدخل الرئيسي للقلعة تعجبكم زخرفةٌ جميلةٌ من فن القاشاني سبعة الوان التي ترسم امام اعينكم إحدى القصص للبطل الايراني الاسطوري "رستم" عندما كان يقاتل الديو الابيض مثلما ننصحكم بزيارة الايوان الشمال الغربي للمبنى لتستمتعواهناك بمشاهد رائعة من الحياة الملكية تخلقها الشخصيات المصنوعة من الشمع في مناظر تاريخية جميلة تشبه متحفاٌ رائعاً.
قلعة كريم خان زند بإعتبارها بقايا حضارةٍ فاخرةٍ و عريقةٍ و مثالاً بديعاً لفترةٍ ساحرةٍ من العمارة الايرانية تُعدّ من الصروح التاريخية الايرانية التي لا تسمح لسائحيها بالمغادرة و بقيت قلوبهم فارغةً من المتعة و عيونهم محرومةً من الإثارة فننصحكم بزيارتها لتحوّل ايامكم السعيدة الى ذكرياتكم الحلوة الباقية معكم الى الابد.