فنون باهرة و حرف جميلة يتم إنتاجها بواسطة اليد و تطلق عليها صناعات يدوية و هذه تعني أنّه هناك انسان يقوم بصنع أشياء يدويا لأهداف مختلفة و من أجناس متنوعة و هي تحكي عمّا يقضي في زوايا فكره و روحه كما تمثّل منتهى ذوقه و إحساسه و غاية فنه و إبداعه؛ البعض من هذه الفنون قد حصلت على مكانة عالية من الجمال و الإناقة و الفخامة حتى أصبحت تُدعى "الفنون و الحرف اليدوية" و بقيت حيّة و ملفتة للأنظار الى قرون متمادية بصفتها جزءا هاما من ثقافة البلاد الغنية و حضارتها العريقة.
و أمّا ايران بسبب تاريخها القديم و حضارتها العريقة و أيضا بفضل تنوعها الإقليمي تحتفظ في أحضانها العديد من الآثار الفاخرة و الأعمال المثيرة للإعجاب لا سيما في مجال الصناعة اليدوية و هي تحتظي بمكانة مرموقة؛ الايرانيون كانوا منذ قديم الزمان يعشقون الفن و متيقنون فيه و قاموا بإبداع الطرق و الأساليب الفريدة لإظهار هذا الحب؛ إذن نجحوا في خلق الكثير من الآثار التي لا تزال و بعد مضي العصور المتتالية تعتبر من أروع فنون العالم و أكثرها تميزا و في الوقت نفسه تکون أقلّ سعرا و تجعل عشاق الفن مندهشين أمام ما تتجلى فيها من الدقة و الإبداعية و الجمال و تشجّعهم لكي يأخذوا معهم هدية تذكارية تبقى عندهم كقطعة صغيرة من تاريخ كبير. نقدّم اليكم هنا وصفا مختصرا لعدد من أهم هذه الحرف الساحرة:
حياكة السجادات و البسط:
ما يتعرف عليه العالم من جمال الفن الايراني تعرضه لكم السجادات الايرانية؛ فنون ساحرة يعود تاريها الى أكثر من 2500 قرن و يمكن إيجاد جذورها في الثقافات و التقاليد الايرانية الغنية و عاداتهم العريقة بحيث تعتبر كحديقة تملأها النقوش الخيالية و التصاميم اللطيفة و الصور الخلابة التي تذكركم بنضارة الحدائق الايرانية الكلاسيكية و تمثل لكم مدى العبقرية الإبداعية التي يتميز بها الفنان الايراني و هي تشتمل على النباتات و الزهور و الطيور و الوحوش و صور الأرابيسك و صور خاصة بالإصطياد و يتم نقشها بمساعدة الألوان الزاهية الطبيعية المستخرجة من الزهور البرية. تختلف هذه النقوش مع البعض وفقا للمدينة التي يتم فيها إنتاج السجادة و هذه الإختلافات تكون في التصميم و في عدد العقدة المستخدمة في حياكة السجادة و تؤدي الى نسج السجادات المتنوعة و أنواع البسط مثل الكبة و الكليم. أقدم سجادات العالم التي تم العثور عليها تدعى "بازيريك" و يعتقد الخبراء بأنّها ايرانية كما تعتبر ايران في العصر الحاضر أكبر دول العالم في مجال حياكة السجادات اليدوية و أفضلها جودة في المقارنة مع مثيلاتها الدولية.
فن التطعيم بالخشب
فن التطعيم بالخشب أو "خاتم كاري" تعتبر من أقدم الحرف اليدوية و لكنّها لم تزل باق حيّا و متمتعا بشعبية عالية في أرجاء العالم و هو في الواقع يشتمل على زخرفة الأشياء بواسطة العديد من المثلثات الصغيرة ذات جودة عالية منها؛ مثلثات تکون خشبية من أخشاب أبنوس أو عناب أو البقس أو قيقب أو الجوز و عظمية من عظام الحصان أو الجمل و معدنية؛ بالإضافة الى الإستفادة من صدف و عاج الفيل للمزيد من الروعة و الإناقة.
التطعيم بالخشب في ايران أيضا يتمتع من تاريخ طويل و لكنّه حصل على غاية الشعبية و منتهى الجمال متزامنا مع عصر الصفويين بحيث أنّ الفنانين في تلك الفترة نجحوا في خلق الآثار الفاخرة التي أصبحت اليوم من روائع ايران الفنية الموصى بها مثل "باب مدرسة جهارباغ" في مدينة اصفهان و مقبرة الشيخ صفي الدين في مدينة اردبيل. و امّا ايران في عصرنا الحاضر أيضا تعتبر أكبر مراكز العالم التي تعرض فيها فن التطعيم بالخشب و الآثار الايرانية تحتظي بالمكانة الأولى في المعارض الدولية. لا يزال يحتفظ هذا الفن الأنيق بشعبيتها لا سيما في اصفهان حيث يمكنكم إيجاد الهدايا الفخمة المزخرفة ب"خاتم كاري" مثل صناديق الديكور و صفحات الشطرنج و المجوهرات و بعض الآلات الخاصة بموسيقا و أيضا المنمنمات التي يتم تزئينها بفن التطعيم لتكن أكثر جمالا.
فن الزخرفة بالمينا
فن فاخر و بديع يجمع بين حرارة النار و سحر الألوان و يقوم بزخرفة المعادن المختلفة منها النحاس و أيضا الذهب و الفضة عن طريق نقش الصور الخلابة و ذلك بمساعدة وضعها في الفنرن و تحت حرارة النار من أجل ثبات الألوان و الإحتفاظ على جماله، مدينة اصفهان تعتبر عاصمة ايران للزخرفة بالمينا و الفنانون الاصفهانيون الباهرون يخلقون الأعمال الجميلة للغاية و هي تتمتع بشعبية عالمية و تجذب أنظار السياح القادمين الى هذه المدينة.
غاية الإزدهار في فن الزخرفة بالمينا في ايران تعود الى عهد السلاجقة حينما كان الايرانيون يحرصون على خلق الآثار المزينة بهذا الفن الأنيق لا سيما الأواني و تركوا الآثار الرائعة منها صينية تدعى "صينية الب ارسلان" و يتم المحافظة عليها في متحف الصناعات الفاخرة في متحف بوستون و الى جانبها الأعمال المتبقية من عهد الأخمينيين أو الساسانيين و يتم حفظها في الكثير من متاحف دولي منها منها الأساور و صناديق و مزهريات و أنابيب المياه و لوحات. و أما اليوم و على الأخص في مدينة اصفهان لا يزال يستمر هذا الفن و يمكنكم العثور على الهدايا المتنوعة التي تمت زخرفتها بفن المينا الذي يسمى بفن "ميناكاري".
زخارف القاشاني:
زخارف القاشاني التي تدعى في الفارسية "كاشي كاري" تعبر من أقدم الحرف اليدوية الايرانية و من أجمل الفنون و أساليب الخاصة بالعمارة الايرانية و تعود تاريخها الى القرون قبل ميلاد المسيح حينما كان يتم إستخدامها في زخرفة مختلف المباني و العمارات و أيضا واجهات البيوت على شكل النقوش الهندسية و الأزهار و صور الأشجار و بعد إعتناق الايرانيين للاسلام بدأت زخارف القاشاني أيضا قضت مراحل التطور و تبدّلت الى أروع الفنون المعمارية في العمارة الاسلامية و كانت تلعب دورا اساسيا في تزئين الأماكن. متزامنا مع العصر الصفوي بصفته فترة إزدهار الفنون الايرانية العريقة تطورت القاشاني و أضيف اليها نوع آخر مسمى ب"قاشاني سبعة ألوان" و مدينة اصفهان بإعتبارها عاصمة الحكومة الصفوية تحولت الى مدينة القباب الزرقاء بحيث أنّ المعالم التاريخية المتوفرة فيها تعتبر من الروائع الفنية المتبقية من العصر الصفوي و تأخذ في حضنها نماذج باهرة من زخارف القاشاني منها مسجد امام و مسجد الشيخ لطف الله.
العمارة الايرانية:
ايران هذا البلد العريق فضلا عن مكانة ساطعة تتمتع بها في مختلف الفنون و الحرف تتميز ايضا و تفتخر بمكانتها المرموقة و المثيرة للإعجاب في مجال فن الهندسة المعمارية؛ العمارة الايرانية لها تاريخ مجيد و قديم يعود الى أكثر من 6000 سنة بصفتها فن لا تقتصر روعتها بحدودها الجغرافية بل إستطاعت أن تتعدى هذه الحدود و تتحول الى نموذج باهر إستمدت و لا تزل تستمدّ منها دول العالم و ذلك بفضل ميزات تجعلها متميزة بين مثيلاتها مثل الطرازات المعمارية الجميلة و الملائمة مع الثقاف و العقائد الدينية و المتكيفة مع البيئة أو الإلتزام بالمبادئ العلمية و التقنية و هذه تتمثل في الإيوانات و المداخل الرفيعة و الأعمدة و القباب العالية المستخدمة في القصور و المساجد و العمارات و المقابر و الزخارف و الفنون المستفادة منها في تزئين الحدائق و الساحات؛ خير دليل على ذلك وجود العديد من الآثار و المعالم الاثرية التي لا تزال تحتفظ على جمالها في مدن اصفهان و يزد و شيراز و شوش و غيرها من الوجهات السياحية التي تستقطب أفواج السياح الى مختلف أنحاءها.
الأدب الايراني
الأدب الايراني سواء يكن في شكل الأدب الفارسي الأثري و المنحوتات و النقوش التاريخية أو في شكل الأدب الفارسي بعد ظهور الاسلام يعتبر أغلى ثروة لدي الايرانيين و ارثهم العظيم الذي يصل اليهم عبر الأجيال بحيث يمكن البحث عن جذوره في القرون قبل الميلاد و هو قضى مراحل التطور في فترات التاريخ المتتالية. النثر و الشعر يعتبران أكثر أنواع الأدب إستخداما في الأدب الايراني؛ مع وجود الآثار و الروائع الكثيرة في النثر و لكن الشعر الفارسي هو الذي إستطاع أن يسطع على تاج الادب و وصلت الى غاية إزدهاره خلال فترة أكثر من الف سنة بحيث تمكّن من أن يتعدّى حدود ايران الجغرافية و يلفت أنظار كبار الأدباء و العلماء في أرجاء العالم و أثّر تأثيرا بارزا في تطوير الأدب في الدول الأخرى منها الأدب الهندي و الأدب التركي و غيرها. إستطاع الأدب الايراني أن يربّي في أحضانه العديد من الشعراء الكبار الذي أصبحوا نجوما في سماء الأدب العالمي منها فردوسي و خيام و حافظ الشيرازي و سعدي الشيرازي و جلال الدين الرومي و عطار النيشابوري و نظامي و دقيقي و غيرهم.
فن الخط
فن الخط يعتبر من أقدم الفنون اليدوية التي إستخدمها الناس تعبيرا عن ثقافاتهم و تقاليدهم و آراءهم افكارهم و تعرض للكثير من التغييرات و التطورات و الايرانيون كانوا هم الذين قاموا بأغلبية هذه التطورات؛ كما يعتقد في العالم أنّ فن الخط الايراني يكون في الواقع نوعا من الإبداع في الكتابة اليدوية و الايرانيون كانوا هم الذين قاموا بإبداع أروع الخطوط لأنّها كانت متميزة بالدقة و الإناقة و سهولة القراءة؛ خط التعليق كان الخط الايراني الأول مستفادا منه لكتابة الرسائل و الأوامر الحكومية و بعد ذلك إستمر التطور و تم إبداع خط نسختعليق (نستعلیق) بصفته فخرا للفن الايراني و نجح في إختراعه الخطاط الايراني "مير علي التبريزي ثم تم إبداع خط النستعلیق المکسور و هو مثال باهر للذوق الايراني مثلما لم يزل يستمر هذا التطور و الإبداع.
أضيفت شعبية الخط الايراني بفضل تلفيقه مع باقي الفنون مثل التذهيب و الرسم و الفخار و العمارة و إستخدامه في كتابة القرآن و أغلى الكتب الايرانية الأدبية الفاخرة منها شاهنامه و بستان و كلستان و ديوان حافظ، تعتبر مدينة قزوين عاصمة الخط الايرانية و ذلك بسبب أنّها كانت مهدا لتربية العديد من كبار أساتذة الخط الايرانيين و يتم فيها سنويا عقد مختلف معارض الدولية و الوطنية في مجال الخط.
فن الرسم و المنمنمات
الرسم الايراني له تاريخ قديم قدم التاريخ البشري؛ فن فاخر يقول عنها المؤرخ الكبير باسل كري: "إنّه لأمر رائع و فريد في نوعه"؛ يعود تاريخه الى عصور ماقبل التاريخ و الصور الأثرية للحيوانات و مناظر الإصطياد المنحوتة على جدران المغارات المتوفرة في محافظة لرستان أو الرسوم المنقوشة على الأواني المكتشفة في تلال سيلك أو في مدينة شوش تعتبر خير دليل على هذا؛ بعد إعتناق الايرانيين للاسلام و منذ عهود السلاجقة و المغول و التيمورية بدأ الرسم الايراني قضى خطوات التطور لا سيما خلال العصر السلجوقي و الأستاذ كمال الدين بهزاد يكون أبرز و أكبر أساتذة الرسم في ذلك العهد هو الذي نجح في إبداع أسلوب باهر في هذا الفن و جعله حصل على غاية الإزدهار. بعد ذلك و في عصر صفوي تطورت الحضارة و الفنون على الاخص فن العمارة تطورا ملحوظا و أمر الملوك الصفويين بإنشاء القصور و العمارات في عاصمة ايران أي مدينة اصفهان و أدّى هذا الى النهوض بمكانة الرسم و قام الأستاذ الكبير "رضا عباسي بالتلفيق بين الرسم و العمارة منها زخرفة قصر جهلستون و عمارة عالي قابو، إستمر الإزدهار بفضل جهود بذلها كبار الأساتذة الآخرين منهم كمال الملك في أواخر العهد القاجاري العهد الذي ظهر فيه أسلوب "لوحات المقهى" أي " نقاشي قهوه خانه اي" بصفتها مثالا بارزا للفن أو الأستاذ محمود الفرشجيان هو الذي لم يزل يحاول في مجال تطور الرسم و المنمنمات الايرانية.
المنحوتات الصخرية و الخزف و الأخرى:
من أقدم الفنون الايرانية اليدوية؛ النحت و المنحوتات الصخرية فن فاخر يتمتع من تاريخ مجيد و قديم قدم الإمبراطوريات الايرانية الأولى أي الإمبراطورية العيلامية و الإمبراطورية الأخمينية و الإمبراطورية الساسانية؛ معلم برسبوليس (تخت جمشيد) من أهم معالم ايران السياحية الشعبيىة و أكثرها تفردا يعتبر مثالا بارازا و باهرا من إبداعات الايرانيين في مجال النحت أو الآثار المتبقية في مدينة كرمانشاه من عصر الساسايين أي طاق بستان و بيستون تعتبر من عجائب ايران في مجال فن النحت الايراني. كذلك صناعة الخزف بصفتها من حرف ايران العريقة على سبيل المثال الآثار الأثرية الموجودة في تلال سيلك أو مدينة جيرفت الى جانب العديد من الفنون و الحرف اليدوية و الصناعات الأخرى التي تمثل لأي سائح في أرجاء العالم روعة الفن الايراني منها فن المجوهرات أو فن النقش على القماش (قلمكاري)أو ترمه (الأقمشة و المنسوجات الحريرية المنسوجة يدويا)أو صناعة كالش (الأحذية الايرانية التقليدية).