كنت قد قابلتها قبل أسبوع تقريبا؛ ملامح وجهها كانت تدل على الضيق و الملل؛ شعرت بأنّها ليست سعيدة ولكنّي لم أكن أعرف السبب. مضت أيام و إتصلت بها هاتفيا و هي أخبرتني بأنّها ستعود الى العمل بعد يومين؛ رأيتها صباح اليوم سعيدة و مفعمة بالحيوية و النشاط؛ ظهرت علامة إستفهام كبيرة على صفحة ذهني لذا سألتها عمّا حدث.
أجابتني فاطمة: كنت متعبة ذلك اليوم؛ كنت منزعجة من العمل الروتين و من الضوضاء و الصخب؛ كنت أرغب بل أحلم في إيجاد مكان هادئ لكي ألتجأ اليه و أخلّص ذهني ممّا ملأتها من المشاغل حتى قدّمت لي أمي عرضا غيّر حالي تماما؛ الحصول على الإجازة و السفر الى قريتنا؛ إنّها جميلة للغاية و لها هواء لطيف و تحيط بها مناظر طبيعية خلابة تبعث السكينة في قلب الانسان و تزيل عنه الملل؛ يداعب أذنك خرير ماء النهر و تزيد منها أصوات الاولاد الذين يلعبون و يسبحون في الماء بعيدين عن تلوث الهواء أو براعم الكرز التي ترقص على أغصان الأشجار و تعدك بأنّها ستنمو و تعطيك طعمها الشهي.
كلما كانت فاطمة تتكلم عن جمال السفر و جمال القرية كنت أنا ايضا أفكّر في قريتي و قرى ايران السياحية الأخرى التي تتميز بما عندها من جمال الطبيعة و روعة العمارة؛ يعرفها العالم بأجمعه ولكنّي أحب أن أقدّمها ثانية لفاطمة و لكم أصدقائي و أتأكد أنّها تعجبكم و تخلب ألبابكم و أرجو أن تخططوا لزيارتها حينما كانت ايران وجهة و مقصدا لأسفاركم. أترككم مع عدد منها:
قرية ماسوله؛ تلفيق ساحر بين الطبيعة و العمارة
تعتبر قرية ماسوله أجمل قرى ايران و واحدة من أروعها و أكثرها تفرّدا في العالم حيث تسطع كلؤلؤة فريدة في نوعها في شمال ايران في محافظة جيلان و يمكنكم الوصول اليها على بعد 65 كيلومتر عن مدينة رشت مركز المحافظة عن طريق العبور من مدينة فومن عبر طريق تحيط به تماما غابات خضراء ذات مناظر تجعلكم تنسون مرور الوقت.
الطبيعة الخلابة المحيطة بالقرية و الأسلوب المعماري المميز الذي بنيت القرية على أساسه جعلها محطة لا مثيل لها تستقطب أفواج السياح من أرجاء العالم مسحورين بجمالها، تقع قرية ماسوله على سفوح جبال تالش في منطقة جبلية لطيفة للغاية حيث لها سماء تعيش بين الضبابية و الممطرة و تحيط بها مناظر طبيعية تسلب الألباب السياح و تبعث في قلوبهم الهدوء و تزيد منها خرير مياه نهر "ماسوله رودخان" الذي يجري بجانب القرية و تضفي من حلاوة طقسها.
و لكن الميزة الأصلية التي جعلت ماسولة تعجب أنظار العالم و حصلت على هذه السمعة المرموقة هي هندستها المعمارية المثيرة للإعجاب و المتكيفة مع مناخ المنطقة بحيث أنّه قد تم تشييد البيوت على أساس طراز رائع؛ سطح البيت الواسع جدّا يصبح أرضية للبيت المشيّد فوقه. بالإضافة الى ذلك هناك الصور الأخرى تضفي جمال القرية منها الشرفات الخشبية المزينة بالمزهريات الملونة و السلالم و الممرات التي تمت زخرفتها بالنباتات و الأزهار الجميلة و ايضا قبة المسجد الخضراء و الأسواق المحلية التي تباع فيها الصناعات . تعالوا و زوروا قرية ماسوله سواء كنتم من عشاق الطبيعة العذراء الخلابة أو من هواة الأنماط المعمارية المذهلة.
قرية كاندوفان؛ أعجوبة اثرية في قلب الصخور
تعتبر قرية كاندوفان واحدة من قرى العالم الثلاثة المحفورة في الصخور أي مع القريتين يكابادوكيا التركية و داكوتا الأمريكية؛ ولكن قرية كاندوفان الايرانية تتميز بميزة خاصة تجعلها فريدة في نوعها و هي أنّها لا تزال نابضة بالحياة و الحيوية و النشاط و تعيش فيها أهاليها.
قرية كاندوفان تكون إحدى قرى ايران المثيرة للإعجاب و من عجائبها المعمارية المذهلة و المستقطبة لأفواج السياح القادمين لزيارتها من أرجاء العالم حيث تقع في شمال شرق ايران و على بعد مسافة فصيرة عن مدينة اسكو من توابع محافظة اذربيجان الشرقية في منطقة مخضرة ذات هواء جبلي نقي على سفوح حبل سهند، الى جانب هندستها المعمارية الرائعة تحيط بها ايضا مناظر طبيعية خلابة من النهر الكبير و الوديان و المراعي المخضرة كما توجد بالقرب منها عيون المياه المعدنية المفيدة في علاج الأمراض.
تعدّ قرية كادوفان أعجوبة معمارية بمساكن تتكيف مع مناخ المنطقة؛ بيوت تشبه خلايا النحل و تم حفرها داخل الصخور و هي تضم كلّ ما توجد في البيوت العادية من السلالم و النوافذ دون الحاجة الى أجهزة التكييف و التبريد. تبلغ القرية من العمر الى أكثر من 6000 سنة و تشكّلت على شكل كهوف طبيعية بسبب تراكم الرماد البركانية حتى جاء سكانها و هم قاموا بحفر بيوتهم داخل هذه الكهوف؛ بيوت إزداد عددها في طوابق متنوعة حتى أصبحت قرية لم تزل حية و تستحق الزيارة. تعالوا و زوروا دون القلق على الاقامة ليلا حيثتوجد فيه فندق صخري دولي لاله من فئة 5 نجوم مفعما بالفخامة و الإناقة
قرية ابيانه؛ القرية الايرانية الحمراء
في محافظة اصفهان و على بعد 50 دقيقة تقريبا عن مدينة كاشان و على سفوح جبال كركس تلمح لكم بيوت طينية حمراء ترشدكم الى واحدة من أجمل قرى ايران السياحية التاريخية اللطيفة و المستحقة حقّا للزيارة؛ قرية ابيانه التي تعود تاريخها الى أكثر من 400 سنة ماضية و تعتبر من أروع وجهات ايران التاريخية و الطبيعية حيث تشتهر في العالم بسبب طرازها المعماري الرائع للغاية و المكيّف مع مناخ المنطقة؛ عمارة القرية أوّل شئ يعجبكم؛ بيوت طينية حمراء اللون مع نوافذ خشبية مشبكة و لطيفة يتم تزئينها مع مزهريات جميلة؛ سقف البيت يعدّ أرضية للبيت الذي تم تشييده فوقه و لا توجد حولها جدران لكي تقوم بحصار البيوت و لا تسمح لدراجة دخول الأزقة.
قرية ابيانه تقع في منطقة جبلية خلابة ذات طقس معتدل بجوار نهر برزرود و تحيط بها جبال كركس شامخة التي تضفي جمال القرية و تزيد من لطافة هواءها مثلما تحتضن معالم اثريت تدل على تاريخها العريق منها المسجد الجامع و قلعة هربك و قلعة هامانه. فضلا عن الهندسة المعمارية الجميلة و الطبيعة الجميلة هناك شئ آخر يثير عندكم الدهشة و هي أهاليها الحنونون لا سيما النساء اللاتي يلبسن ملابس ملونة تشبه البعض و هن يدعونكم لشراء صناعاتها اليدوية من الحلى المصنوعة يدويا الى السجادات و لا سيما "لواشك" المأكول اللذيذ للغاية ذو طعم بين الحلو و المر المصنوع من الفواكه المختلفة منها التفاح و الخوخ و البرقوق. للبقاء أكثر و المزي من الأوقات الحلوة في قرية ابيانه لاتقلقوا على مكان الاقامة حيث يووجد هنا فندق ويونا ابيانه.
قرية مازيجال؛ مصيف بين تلاقي الغابة و السحب
نعود ثانية الى شمال ايران الى محافظة مازندران حيث تأخذ في حضنها قرية خلابة تدعى قرية مازيجال و تعتبر من أجمل قرى شمال ايران و تعرض للسائح مناظر لا مثيل لها للطبيعة العذراء؛ ترسم لكم جنة على الأرض فيها الغابات الكثيفة تصبح خضراء في أحضان الصيف و تصبح متحفا من الألوان مع قدوم الخريف؛ أضيفوا اليها السهول الواسعة المخضرة على سفوح الجبال الشامخة حيث تداعب خدودكم نسيم الجبل و قطرات المطر؛ يوجد هنا البحر بحر من الغيوم التي تنزل من السماء و تبدو و كأنّها تجلس على أغصان الأشجار و تخلق مناظر تثير عنكم الأعجاب و تجعلكم مسحورين بقدرة الله القادر.
تقع قرية مازيجال في منطقة كلاردشت من أجمل مصايف مازندران؛ على ارتفاع 2600 متر عن مستوى البحر حيث تذهبون في مأدبة السهول الخضراء الواقعة على سفوح الجبال حيث تتلاقي زرقة السماء و خضرة الأشجار و بياض الغيوم و تلفت عيونكم بمناظرها الخلابة و ترحب بكم هنا شاليهات القرويين للبقاء و الأستمتاع بالمزيد من الطبيعة و الهواء النقي.
قرية ميمند؛ تراث لم تزل قائمة منذ 12 ألف قرن
تعتبر قرية ميمند إحدى أغرب قرى ايران و أكثرها تميزا حيث تقع في جنوب شرق ايران في محافظة كرمان و في مدينة شهربابك؛ قرية صخرية أي محفورة داخل كهوف في قلب الصخور و تجري الحياة لدى أهاليها وفقا للتقاليد و العادات الخاصة بالحياة البدوية و هم لا يزال يتحدثون في لهجة توجد فيها المفردات الخاصة باللغة الساسانية، فضلا عن الأدوات التقليدية الاثرية التي لا تزال تستخدم عندهم مع أنّهم يتمتعون من مظاهر التقنية و التكنولوجيا؛ تم إدراج القرية في قائمة منظمة يونسكو للتراث العالمي كما تمكّنت من الحصول على جائزة "مركوري" الشهيرة.
قرية ميمند الصخرية المذهلة تعود تاريخها الى قبل 12 قرن ماض حينما دخلها واحدة من القبائل الايرانية البدوية باحثين عن منطقة ذات طقس لطيف و هم قاموا بحفر الصخور للسكن فيها و ايضا للدفن الأموات و هي تطوّرت و تطوّرت و لم تزل نابضة بالحياة و مفعمةبالحيوية و تعيش فيها أهاليهابسلام و نشاط. المعالم و الصروح الاثرية المتوفرة في قرية ميمند شهربابك ترسم أمام السائح تاريخها العريق منها معبد النار و المسجد الجامع و الحمام و هي لا تزال تستفاد منها
تأخذ ايران في أحضانها العديد من القرى السياحية التي تستقطب جموع السياح و تعرض لهم مناظز فريدة في نوعها من طبيعة ايران الخلابة أو من عمارتها الساحرة أو ثقافتها الغنية؛ سنقوم بعرضها لكم إن شاء الله خلال المواضيع التالية التي سنضعها في المدونة و بالـتاكيد إنّها ستعجبكم و تجعلكم تخطّطون لزيارتها حينما إخترتم ايران وجهة للسفر؛ الى شمال ايران أو جنوبها أو شرقها أو غربها و لا فرق في ذلك.