سوق طهران الكبير
متاهةٌ من التاريخ و العمارة و الفن و الثقافة؛ سوق طهران الكبير
سوق طهران الكبير، سوقٌ اثريٌّ فاخرٌ و مهيبٌ كان و لم يزل قلباً نابضاً لتجارة العاصمة الايرانية طهران و مركزاً اساسياً لنشاطاتها الاقتصادية و السياسية و الدينية الهامّة و صرحاً فاخراً تفقد همومك متجوّلاً بين ممراته و تنسى أتعابك متمشّياً في دهاليزه و اسواقه المرتبطة ببعض، حيث يلفت انظارك بما يحتفظ عليه في احضانه من الاجواء الرائعة و الاماكن التاريخية النفيسة لكي تعكس لك مجد تاريخها و غنى ثقافتها و جمال عمارتها.
محتلٌّ لموقع رائع و ممثّلٌ لتاريخ قديم
أحد أكبر اسواق العالم؛ سوق طهران المستقطب لافواج السائحين سواءً كانوا من محبّي التسوق في مختلف انواع التذكاريات أو من الراغبين في إستكشاف تجربة سياحية تاريخية لا تنسى، خيار ذكيّ للغاية يحتلّ موقعاً رائعاً في مدينة طهران واقعاً في قلب النسيج التاريخي تبدو و كأنّه جوهرة سياحية تحيط به عدد من الشوارع الاصلية و يعود تاريخ بناءه الأصليّ الى عهد الملك طهماسب الصفوي مقارناً مع إنشاء بوابات المدينة و لكنّه يشتهر بكونه من المعالم المتبقية من العهد القاجاري حينما أمر الملك ناصر الدين القاجاري ببناءه ليكن سوقاً مسقّفاً متمتّعاً من طقسٍ باردٍ يلائم ايام الصيف الحارّة و أضاف اليه عمارة مهيبةً يطلق عليها اسم "تكيه دولت" مكاناً فخماً لإقامة المناسبات الرسمية و المناسك الدينية العظيمة حيث تستمدّ الهامها من دور الابرا الموجودة في اروبا فضلاً عن تشييد مسجدٍ بجواره دُعي مسجد شاه ، إذن تحوّل السوق الى مجموعةٍ عظيمةٍ لا مثيل لها منذ القرن التاسع عشر، الميزة الهامة التي جعلت كبار السياح و الدبلوماسيين المقيمين في طهران قد تكلّموا في مؤلفاتهم عنه بإعتباره أمثل و أروع مناطق العاصمة جذباً للسياح.
لافتةٌ للعيون؛ انحاءه المتعددة
من أبرز معالم طهران؛ تتمكّنون من الحصول عليه عبر الطرق المختلفة و أفضلها هو شارع بوذرجمهري (15 خرداد) مستمتعين بانحاءه العديدة من الدهاليز و الممرات و الأزقة و الاسواق المختصّة كلّ منها لإنجاز نشاطٍ خاصٍ، أقدّم اليكم عدداً من أهم هذه الانحاء المتوفرة امامكم زيادةً من راحتكم مثل سوق الحذائين (بازار كفاشها)تعثرون عليه فور دخولكم، حيث يحتضن في احضانه الصروح التاريخية التي تستحقّ الزيارة و بالنسبة للسائح لا يجب أن يفوتها، على الجهة اليسرى تلوح لكم سوق "مهديه" المحتضن للاجواء المسقّفة الباردة و تجذب انظاركم بالجمال المعماري و الاشياء الصالحة للشراء، في نفس الجهة و على بعد مسافةٍ قصيرةٍ يمكنكم زيارة السوق الذي يدعى "حاجب الدولة" بإعتباره أحد أهمّ و أجمل الاقسام المتوفرة في بازار طهران الكبير.
إن إستمررتم في نفس السوق أي سوق الحذائين متّجهين نحو الجنوب تدعوكم بقعة سيّد ولي الدين واقعةً في زقاق ولي الدين لقضاء اوقاتٍ مفعمةٍ بالروحانية و الاثارة، بقعةٌ اثريةٌ تعود تاريخها الى العهد الصفوي قبل إنشاء المدينة أو تتمكّنون من زيارة دارٍ تاريخيةٍ تقع بجوار البقعة و تُدعى دار "ضيافت" و تأخذكم الى ايامٍ كانت تضيف عدداً من الأمراء القاجاريين بين اجواءها المزخرفة بزخارف جميلة و محتفظة على جمالها من النوافذ الأرسية و المقرنصات اللطيفة، إضافةً للمتعة و قريباً منكم تتمكّنون من الذهاب الى سوق "باجنار" متمتّعين بما يتمّ عرضه فيه و زائرين لمدرسة و مسجد شيخ عبد الحسين لكي يخلّصكم من زحام المدينة بالهدوء الراقد في اجواءها.
و أيضاً رائعٌ للذين يودّون اللجوء الى المباني الاثرية التي تُعدّ زيارتها تهدئةً للنفوس و لافتةً للعيون؛ بقعة "امامزاده زيد" المتبقية اساسها من عهد الصفويين و أضيفت اليها زخارف معمارية أخرى من القبة و الايوان على يد القاجاريين، تعثرون عليها في "بازار خياطها" أي سوق الخياطين عن طريق الدخول من سوق "امير" الذي يستقبل منكم مع تمثال من "امير كبير" رئيس الوزراء القاجاري و أحد أكبر أبطال ايران الوطنية لأنّه تم تشييده بأمرٍ منه. و خيارٌ آخر لإضافة ساعاتكم السعيدة؛ "مسجد عزيز الله" أوصيكم به بشدّة متوفّراً في سوقٍ يسمّى ب "جهار سوق الكبير" حيث يعدّ من أمثل انحاء بازار طهران بسبب قبته الشهيرة و يرحّب بكم عبر ممرٍّ جميلٍ و مزيّنٍ بزخارف القاشاني الملونة حتى يأخذكم الى صحنٍ تمّت زخرفته بغاية الروعة لتزيل عنكم التعب لاسيّما إن إخترتموه للزيارة حين الصلاة، و في نفس السوق بإمكانكم أن تزوروا مسجد امام خميني الذي أطلق عليه عند بناءه "مسجد شاه" ذو اربع ايوانات و العائد الى العهد القاجاري و نُقشت على واجهته بين المقرنصات الملونة اسم الملک القاجاری لأنّه أمر بتشييده. أنصحكم ودّياً أن لا تفوتوا سوق "مسجد جامع" الذي يدين سمعته و روعته لما يوجد فيه منذ قرونٍ متتالية و هو مسجد جامع من أقدم مساجد طهران.
و في النهاية؛ صديقي أو صديقتي الراغب في إكتشاف جولةٍ ممتعةٍ لاتبقى منها ذكريات حلوة من التسوّق فحسب بل ترافقها ايضاً رائحة منعشة من التاريخ و الثقافة و الحضارة و الفن؛ يعتبر سوق طهران الكبير من الخيارات الايرانية الموصى بها و التي تبدّل اوقاتكم الى ذكرى لا تنسى.