برسبوليس (تخت جمشيد) شيراز
يعتبر موقع تخت جمشيد أكبر و أروع الدرر السياحية التراثية على تاج العمارة الأخمينية و من أمثل الصروح التاريخية في ايران و العالم التي قد تم إدراجه في قائمة يونسكو للتراث العالمي؛ حيث يكون مبنى مجلل يشتهر عند السياح الاجانب ب "برسبوليس"و هي كلمة يونانية تعني "المدينة الفارسية".
مجموعة مثيرة و متألقة نجمها في العالم و المبنية في اساسها على صخور عظيمة أمر بنحتها الملوك البارسيون حيث تشتمل على قصور فاخرة و اعمدة و بوابات عظيمة و مغطّاة بافاريز منحوتة و ثيران مجنحة عملاقة أو الجدران المزخرفة بالنقوش و المنحوتات الزاهية، يلفق برسبوليس تلفيقاً باهرا بين أجمل الطرازات المعمارية القديمة التي يعرفها العالم منها و هي متبقية من الإمبراطوريات العظيمة أي البارسية و البابلية و الآشوریة فضلاً عن الانماط الباقية من اقوام اوراتور و أضيفت اليها غاية العبقرية الإبداعية لدى الايرانيين و الموهبة الفنية التي يشتهرون بها منذ قديم الزمان لكي يعطي للعالم بأجمعه نمطا معماريا لا مثيل له يدعى"النمط المعماري الأخميني".
تخت جمشيد أو برسبوليس بوصفه أحد أفخر الإنجازات الحضارية الانسانية التي تم تشييده على طول حوالي 200 عاما حيث أمر ببناءه داريوش الكبير الملك الاخميني الأول سنة 515 قبل ميلاد المسيح في قلب محافظة فارس على سفوح جبل الرحمة (مهر)مقابل سهل و غابة مرودشت في شمال شرق مدينة شيراز عاصمة أخرى للحكم الأخميني (هخامنشيين) قريباً من عاصمتهم باسارغاد، ليصبح مكانا فاخرا لإقامة المهرجانات و الإحتفالات الايرانية الاثرية لاسيما حفلة نيروز (رأس السنة)و أيضاً مكانا بمنتهى الفخامة ليستضيف فيه الملك ضيوفه رفيعي المستوى بالإضافة الى السفراء وممثّلي الدول حيث قام بتوسيعه أبناءه و أحفاده لاسيما الملك خشايارشاه.
من أهم العجائب في تخت جمشيد هي نسبة إرتفاع المداخل بعرضها و ايضا نسبة إرتفاع الاعمدة بكمية المسافة بين العمودين، ميزة لافتة للنظر تعكس لكم ذروة فن الايرانيين القدماء. تخت جمشيد مَعلم حجري بحيث بُني تماما من الحجارة و أستُخدمت في بناءه الصخور العظيمة و المتصلة بعضها ببعض دون أن يتم تثبيتها بأي ملاط بل كانوا يستفيدون بينها من الأدوات الحديدية الرائعة المسمّاة ب"خطاف" تثبيتاً لها.
سجلوا ساعات مذهلة متجولين بين قصور تخت جمشيد العديدة منها قصر مأئة عمود (صد ستون)، أكبر إنجاز معماريّ أخميني بصفته قاعة حكومية للملك داريوش أو قصر آبادانا مع السلالم الجميلة و العجیبة فی الوقت نفسه قصرتزيّنت جدرانه بالنقوش الحجرية الرائعة للجنود الحاملين في أيديهم أزهار زنبق الماء(رمزاً للملوك الاخمينيين)و تمّت زخرفتها بالصور للضيوف الأجانب وهم يحملون الهدايا للملك فضلاً عن إستمتاعكم بقصر تجر أو بوابة الملل و لا تفوتوا متحف تخت جمشيد (متحف بارس) محتضناً لما يزيد من إعجابكم.
عندما تعبرون من بين أعمدة مدينة برسبوليس أو تندهشون بروعة نقوشها و نماذج فنونها ترونها شاهدا قويّا على أنّ ايران كانت منذ قديم الزمان يقترن اسمها مع السلام و الرحمة والمروءة و الاهتمام بالقانون أو إذاما تقومون بمطالعة الواحها الطينية ترونها تقص للعالم عن اهمية كبيرة كان الايرانيون تعلّقونها على مبادئ المحبة و حقوق المواطنين.
من بين هذه الالواح ستجدون وثائق مدهشة تختص بنظام المحاسبة في الحكم الأخميني والتي لا يمكن رفضها و هي تدلّ على أنّ الذين شاركوا في بناء هذا الصرح الفريد ولو كانوا من القوميات المختلفة و لكنّهم جميعا رجالا أو نساءاً حصلوا على رواتبهم بصورة كاملة فضلاً عن عثورهم على الإجازات و مدفوعات التأمين على سبيل المثال النساء الحاملات كانت لهنّ الإجازات للحمل، خلافاً لما يعتقده البعض أنّ تخت جمشيد تمّ بناءه على أساس الظلم و البلطجة مثلما حدث في الأهرام المصرية.
تخت جمشيد (برسبوليس) يُعدّ من المعالم العالمية التي مازالت تستقطب سنوياً افواج السياح من أنحاء العالم لكي تحكي لهم عمّا شهدت طوال السنوات من الأحداث العظيمة إذن يجب زيارته و لن تغادرونه إلّا و انتم مسحورين بما رأيتم من الفخامة و الجمال و القدرة و الكمال و مؤكّدين لما سمعتم للايرانيين من الفكر و الإبداع و الفنّ و العمارة.